Admin Admin
عدد الرسائل : 412 تاريخ التسجيل : 26/06/2007
| موضوع: أبو تريكة ونانسي عجرم .. بين فرحة الانتصار وضرورة الالتزام السبت مارس 01, 2008 6:10 am | |
| أقام المجلس القومي للرياضة احتفالية حصول الفريق الوطني على بطولة أفريقيا ، وكان من الحضور اللاعب محمد ( أبو تريكة ) ، وبتواضعه الأشم شارك زملاءه فرحتهم ، ولما لا وهو أحد صانعيها ؟!. وتجاذب أطراف الأحاديث حول الكرة والآمال في تحقيق مركز متقدم في كأس القارات ، ثم أمنية الوصول إلى نهائيات كأس العالم ، وأتخيل أن الأحاديث تناولت غزة التي في قلب كل مسلم ، فالإعلان الرائع المُوَفَّق الذي قام به أبو تريكة لم يكن وليد لحظته _ أو دفقة شعور عابرة ، بل هو إفراز فكر وقضية تشغل اللاعب ومن معه جميعا . وفي إطار الاحتفالية كان " لنانسي عجرم " دورها فقدمت بعضا من أغانيها ، ولا سيما ما تشارك به المصريين فرحتهم الغامرة بالكأس . ولكن قبل صعود نانسي لتغني غادر" أبو تريكة " المكان ، مكتفيا بما قضاه مع زملائه و أحبابه في مشاركتهم ابتهاجهم بالنصر الرياضي . هذه سرديةٌ للموقف والحدث ، أما رؤيتي فهي : _ 1- أن مشاركة ( أبو تريكة ) على الرغم من علمه بطبيعة الاحتفال وأن فيه شقا غنائيا ، دليل على السلوك الحضاري الذي يتحلى به ، فهو لم يعتذر بدايةً ، فربَّما لو فعل ذلك لأصبح في نظر بعض الناس أصوليا أو متطرفا . والرجل ذو عقلية متحضرة ملتزمة ، فاستوعب الموقف ، وتفاعل مع معطياته ، وفي الوقت نفسه لم يُفَرِّط في التزامه وما يراه صوابا . 2- أن ( أبو تريكة ) رأى أن في حضوره حفل غناء نانسي تعارضا مع منهجية إظهاره سعادته، وهي( السجود لله تعالى حمدا وشكرا ، عند تسجيل الأهداف ) فالسجود في فلسفة السعادة مظهر من مظاهر إبرازها ، والغناء أو الرقص هنا مظهر من مظاهر إبراز السعادة ( والغناء والرقص يتناقض مع السجود ) لذلك فانسحابه من حضور الغناء ، دلَّ على توازنه ، واستواء نفسيته ، وصدقه مع ذاته ، وهذا ليس مجاملة للحبيب ( أبو تريكة ) بل هذا تحليل – أحسبه موضوعيا - ( ومن يخالفني الرأي فإني أسعد برأيه عندما يبديه بعد هذه المقالة ) و إظهار السعادة حق إنساني ، وكلٌّ يعمل على شاكلته ، فغير المسلم يحتسي الخمر ، أو يرقص ، أو يغني عندما يدرك غايته ، أو يحقق انتصارا ما . وهاهو رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ عندما يدخل مكة فاتحا ، ممتطيا ظهر ناقته أخذ يسبح الله و يذكره سبحانه ، على حين كان أبو جهل ، بعدما نجت عير قريش ، وعزم القوم على الرحيل إيثارا للسلامة واكتفاءً بما نالوا ، يحثهم على غير ذلك ؛ حتى يُبقى أثرا إعلاميا في قبائل العرب ؛ فأمر القيان أن تغني ، وكانت الخمر معهم فشربوا وتراقصوا وترنموا سُكَارى . هذه مظاهر إبرازهم فرحتهم بنجاة عِيرهم وتوهم أن هيبتهم ما زالت قائمة بين العرب . وكان من عادة العرب إذا قُتِل لهم قتيل ألا يشربوا الخمر حتى يثأروا له ، فشُربُ الخمر بعد إدراك الثأر مظهر من مظاهر إبراز السعادة لديهم . قما قام به ( أبو تريكة ) يتسق فيه داخله الملتزم بالقيم والثوابت مع خارجه المُعَبِّرِ عن فرحه وسروره بما لا يوقعه في صراع بين الذات والواقع ( احتفالية الغناء ) . فانسحابه من حضور الحفل الغنائي هو انزياح مؤقت وهو ( المحدود) للمحافظة على الفضاء الواسع (اللا محدود ) . 3- أرى أن انسحاب ( أبو تريكة ) جاء من باب احترام الذات العربية ، وذلك من محورين : - الأول : أن الطرب وما يعتري الحضور من تفاعل مع المسموع – مهما كانت درجة الوقار- حتما ستجعله في أثناء تفاعله يخرج ولو بقَدْر عن الهيبة والوقار ، وواقع الأمة اليوم يجعل من ينشغل به ويتابعه حاملا همومه لا يعرف غير الجدية، مهما حاول أن يخفف من وطئة ثقله، فحال العراق وما فيها من اضطهاد لأهل السنة ، وما يعانون من تشريد وتقتيل وهتك للحرمات ، وهدم للمساجد ، ثم فلسطين كل فلسطين ، ولا سيَّما غزة المحاصرة ، وأفغانستان المُكَبَّلة الجريحة ، والصومال المحتلة ، كل هذا يجعل العاقل الجاد لا يضحك إلا قليلا . فانسحاب ( أبو تريكة ) يدل على أن الرجل يحمل هموم أمته ، ويشعر بالظلم الواقع على بني قومه . إذن كيف تجتمع الجِدِّية مع الميوعة في قلب واحد ؟ هذا يستحيل ؛ لأن المتناقضين لا يجتمعان معا فانسحب الرجل . الثاني : وهو ما يغفل عنه كثير من الناس في زحمة الأحداث ، وتتابع الأخبار ودفع جديدها لقديمها انزياحا أن نانسي هذه قامت عقب إعلان المقاطعة لشركة ( كوكاكولا ) اليهودية ، بالتعاقد معها نظير إعلان يُرَوِّجُ لها ، بعدما كان الناس يقاطعونها - وما زال أهل الإيمان والإلتزام يقاطعونها وغيرها من الشركات اليهودية - وقعت نانسي في فخ الملايين التي تقاضتها نظير الإعلان . وأظن أن ( أبو تريكة ) لم ينس لها هذا ؛ ولذلك كان انسحابه مقاطعة لنانسي ، التي لم تقاطع شركة اليهود ، بل وفرحت بثمن بخس نظير إعلانها . فأبو تريكة يضرب أروع المثل في المقاطعة الجادة للبضائع اليهودية ومن يروجون لها . 4- أن موقف ( أبو تريكة ) تُجاه نانسي قوبل بتقدير للرجل ، فهو معروف بحسن أخلاقه ، وأنه معتدل وليس متطرفا كما يحلو لأجهزة الإعلام أن تسمي من لا يروق لها التزامه ، ثمَّ إنها حريته الشخصية . ومواقف ( أبو تريكة ) يتفاعل معه فيها جمهور الشعب بكل فئاته ومستوياته ؛ لأنها تعبر عما بداخل هذا الشعب المقهور المسلوب حقه فلا يستطيع أن يعلن عما يجيش بصدره ، فما يقوم به ( أبو تريكة ) يرى الشعب فيه نفسه ، وأنه هو ( أبو تريكة ) ، قمة الامتزاج والتداخل . فأبو تريكة الآن هو الذات الرمز ، التي تجعل كل مصري وعربي يقول : هذا أنا وهذا الفعل الذي قام به ( أبو تريكة ) فعلى ، يُعَبَّرُ عني ، ولكن أتاح الله ل( أبو تريكة ) ما لم يُتِحْ لي . فهنيئا لك يا( أبوتريكة) كم من الحسنات تنالها بإذن الله ، وأنت تُعَبِّرُ عن آمال هذه الأمة المظلوم أهلها .
نقلا عن موقع اسلام تايم | |
|